علاج المرضى بترك الشرب والأكل في الطب النبوي



روى الترمذي في جامعه، وابن ماجه، عن عقبة بن عامر الجهني، قال‏:‏ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب، فإن الله ـ عز وجل ـ يطعمهم ويسقيهم‏)‏‏.‏
إن الناظر إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والمدقق فيه يرى أن الله عز وجل قد أنعم على الإنسان بنعمة الاختيار والتدبر حيث يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المريض بالكف عن إكراهه على تناول أي طعام أو شراب فالمريض إذا ما مرض عاف عن الطعام والشراب لاشتغاله بمحاربة مرضه أو لقلة شهوته فالجوع حسبما هو معروف للكافة هو طلب الأعضاء بجسم الإنسان للغذاء ليعوض به ما نقص منها فإذا ما أصيب جسم الإنسان بالمرض عفت أعضاءه عن الطعام والشراب وانشغلت بمحاربة المرض عن طلب الغذاء فلو أننا أكرهنا المريض على تناول أي طعام أو شراب أدى ذلك لتعطل الطبيعة العلاجية للأعضاء لانشغالها بهضم الطعام مما يؤثر على المريض ويسبب له مضاعفات في مرضه.
وبالتالي فإنه لا يجوز إكراه المريض على تناول أب طعام أو شراب إلا بالقدر القليل الذي يحفظ قوته فالطبيب لابد أن يخدم الطبيعة ويعين عليها لا يعوقها بشيء ولعل المثير في هذا الشأن أن إصابة الإنسان غالبا ما تنتج عن دم فاسد فالدم مغذي للجسم وبالتالي فان الجسم قد يحتاج إلى كثير من الدماء المتجددة لذلك كان الحل في إنتاج دم جيد بفعل الطبيعة من البلغم الذي يكون بجسد المريض فالبلغم حسبما هو معروف دم فج منقوص النضج فإذا ما مرض الإنسان تفاعلت الطبيعة معه فأنضجته وصيرته دم تتغذي عليه الأعضاء دون الحاجة إلى غذاء أو شراب.
ولعل الملاحظ في قوله صلى الله عليه وسلم " فان الله يطعمهم ويسقيهم " إن النفس البشرية إذا ما انشغلت بالمرض لم تعد بحاجه إلى طلب الغذاء أو الشرب بل إنها لا يمكن لها أن تحس بما حولها من سوء أحوال الطقس من برد أو حر.

وقد ثبت في الصحيح‏:‏ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه كان يواصل في الصيام الأيام ذوات العدد، وينهى أصحابه عن الوصال ويقول‏:‏ ‏(‏لست كهيئتكم إني أظل يطعمني ربي ويسقيني‏)‏‏.‏
والشاهد من هذا الحديث إن الإنسان إذا ما فرح أو تعلق عشقه بشيء آخر اكتفت نفسه البشرية به دون النظر إلى طعام أو شراب أو إشباع رغباته فكان لحديثه هذا عظيم الأثر في ما يتعلق بغذاء الروح والقلب وتأثيرهما في إنعاش قوة الإنسان بالشكل الذي يتجاوز الغذاء وما يحققه من قوة للإنسان فالقوة تستمد من الله لا من الطعام أو الشراب ولقد شرح ابن ماجه في سننه أن قوله صلى الله عليه وسلم " لا تكرهوا مرضاكم " أي إن لم يأكلوا برغبتهم فلا تقولوا لهم أنهم سيضعفون إذا ما لم يأكلوا لأن الله عز وجل بقدرته على المكنونة في الكاف والنون " كن فيكون " قادر على إطعامهم وسقيهم فيرزقهم الصبر والقوة على المرض لأن المريض إذا ما عاف عن أكل الطعام أو شرب الشراب بسبب انشغاله وانشغال جسده بمقاومة المرض كان في إعطاءه الطعام أو الشراب أو إكراهه عليه أمر خطير وضرر بالغ الأثر.
ومن جماع ما سبق نرى أن الإنسان دائما ما يكون بحاجه إلى مراجعة سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم للوقوف على الإجابات التي تشغل باله فيما يتعلق بالكثير من الأسئلة التي تنتاب الإنسان المسلم حول طبيعة الأمراض وكيفية العلاج منها وما هي خطورتها وما يترتب عليها من تأثيرات عضوية أو نفسية

علاج المرضى بترك الشرب والأكل في الطب النبوي  علاج المرضى بترك الشرب والأكل في الطب النبوي بواسطة Abdelwahab Esmail في 10/10/2016 تقييم: 5

ليست هناك تعليقات:

ads
يتم التشغيل بواسطة Blogger.